responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 448
[سورة المائدة (5) : آية 104]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)
وَالْمَعْنَى مَعْلُومٌ وَهُوَ رَدٌّ عَلَى أَصْحَابِ التَّقْلِيدِ وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ وَاوُ الْحَالِ قَدْ دخلت عليها همزة الإنكار، وتقديره أحسبهم ذلك وَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ إِنَّمَا يَجُوزُ بِالْعَالِمِ الْمُهْتَدِي، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَالِمًا مُهْتَدِيًا إِذَا بَنَى قَوْلَهُ عَلَى الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا مُهْتَدِيًا، فَوَجَبَ أَنْ لا يجوز الاقتداء به.

[سورة المائدة (5) : آية 105]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
قَوْلُهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَمَّا بَيَّنَ أَنْوَاعَ التَّكَالِيفِ وَالشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ ثُمَّ قَالَ: مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ [المائدة: 99] إِلَى قَوْلِهِ وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا [المائدة: 104] فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ بَلْ بَقُوا مُصِرِّينَ عَلَى جَهْلِهِمْ مُجِدِّينَ عَلَى جَهَالَاتِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ، فَلَا تُبَالُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِجَهَالَتِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ، بَلْ كُونُوا مُنْقَادِينَ لِتَكَالِيفِ اللَّه مُطِيعِينَ لِأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، فَلَا يَضُرُّكُمْ ضَلَالَتُهُمْ وَجَهَالَتُهُمْ، فَلِهَذَا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ أَيِ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ مُلَابَسَةِ الْمَعَاصِي وَالْإِصْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ قَالَ النَّحْوِيُّونَ عَلَيْكَ وَعِنْدَكَ وَدُونَكَ مِنْ جُمْلَةِ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: عَلَيْكَ وَعِنْدَكَ وَدُونَكَ، فَيُعَدُّونَهَا إِلَى الْمَفْعُولِ وَيُقِيمُونَهَا مُقَامَ الْفِعْلِ، وَيَنْصِبُونَ بِهَا، فَيُقَالُ: عليك زيدا كأنه قال: خُذْ زَيْدًا فَقَدْ عَلَاكَ، أَيْ أَشْرَفَ عَلَيْكَ، وَعِنْدَكَ زَيْدًا، أَيْ حَضَرَكَ فَخُذْهُ وَدُونَكَ، أَيْ قَرُبَ مِنْكَ فَخُذْهُ، فَهَذِهِ الْأَحْرُفُ الثَّلَاثَةُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّحْوِيِّينَ فِي إِجَازَةِ النَّصْبِ بِهَا وَنَقَلَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ بِالرَّفْعِ عَنْ نَافِعٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ذَكَرُوا فِي سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: مَا
رَوَى الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ/ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَبِلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْجِزْيَةَ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْإِسْلَامَ أَوِ السَّيْفَ، عَيَّرَ الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِقَبُولِ الْجِزْيَةِ مِنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ دُونَ الْبَعْضِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
أَيْ لَا يَضُرُّكُمْ مَلَامَةُ اللَّائِمِينَ إِذَا كُنْتُمْ عَلَى الْهُدَى، وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ بَقَاءُ الْكُفَّارِ فِي كُفْرِهِمْ وَضَلَالَتِهِمْ. فَقِيلَ لَهُمْ: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، وَمَا كُلِّفْتُمْ مِنْ إِصْلَاحِهَا وَالْمَشْيِ بِهَا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لَا يَضُرُّكُمْ ضَلَالُ الضَّالِّينَ وَلَا جَهْلُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست